Archive for the ‘ع الرّف`’ Category

كائن لا تحتمل خفته

31/05/2011

يبدأ الروائي التشيكي “ميلان كونديرا” روايته الفلسفية أو العاطفية أو الفيزيائية وأخيراً الغير محدّدة الهوية بالنسبة لي (حتى بعد قراءتها) بطرح الأسئلة حول مفهوم الخفة والثقل، كما ويشير الى الاختلاف بين هذه المفاهيم من حيث سلبيتها و ايجابيتها لدى عدد من الشخوص العالمية كموزارت وغيره. يعرض لنا كونديرا الخفة الغير محتملة للإنسان حين يتجرد من المسؤوليات، حين يتخفّف من معاطفِ الإرتباطات الانسانية والعملية والإجتماعيّة ويرتفعُ بخفّته عن مركز الجذب، كما وفي اليد الاخرى يعرض لنا الثقل والوزن الذي يثبت الانسان في الأرض ويغرسه.. إن كانت مسؤولية اتجاه شخص او وطن او حتى عمل.

ستجدون هناك طبيباً يصطدم بكرامته ومبدئه مع غثاء السياسة الذي يطارده، رسامة خفيفة بشكل لا يحتمل تواجه ثقلاً ليست مستعدة لحمله والجيّد في موضوعها انها تعي ذلك جيدا، هناك أحلام ومنامات تتواتر على (تيريزا) .. تحمل رمزياتٌ فاقعة وتفسيرها يتربع بين يدها.. حتى ليظنّ القارئ (كما في حالتي) أن جزء من حبكة الرواية أن تكون تلك الأحلام من صنع خيالها (تيريزا) أو محاولة منها لاستمالة (توماس) او شحذِ عاطفته في النهاية.!

ستجدون  مثقفون..  صحفيون..  سياسيون..  من يحب..  من يتزوج..  من يموت..  من يعود لوطنه كلما تركه، هناك من يبحث عن الإله ولا يثق بوجوده وهناك من يفلسف هذه الامور (الصحفي العجوز) بشكل انيق ومحترم نوعا ما، وأظن من الجدير ذكره هنا أنني قد لمست في كونديرا أنه يأخذ في اعتباره حين يكتب مشاعر كل الاديان والمعتقدات التي قد تقرأ له.. لذلك لم أجده يبالغ او يسرف في العمق الديني واللاديني كما يفعل بعض الكتّاب الاخرين.

واجهتني بعض الاشياء التي استغربتها وقطعت عليّ عمق المتعة والعيش في الاحداث، منها مثلا  ان كونديرا كان  يقطع سرد الرواية ليتحدث ويعلّق بشخصية المؤلف عن أحد شخصياته التي ابتكرها في الرواية!! أعني في منتصف الحدث الجاري وفي جوف الحكاية، فجأة كأنه صوت معلّق بعيد.. لا أدري ولكنها كانت مربكة بالنسبة لي (وماهضمتها منوب) :/

قراءة لذيذة أتمناها لكم (F)

 

 

.

البحر والسّم

16/05/2011

 

 



كانت هذه الرواية ثاني تجربة يابانية بعد الغابة النرويجية، مع المفارقة الشاسعة والفاقعة بين الاثنتين!، فبحجم المتعة في حكايات هاروكي موراكامي الناعمة، بحجم الصلافة واللا انسانية جاء بها اندو في روايته “البحر والسّم”! ولا عجب حصولها على جائزة أكوتاجاوا حين جائت بأحداث من العيار الثقيل في فترة الحرب التي عاشتها اليابان. تحكي الرواية في البدء عن مريض رئة يتعالج بالاسترواح الهوائي حيث ينتقل هو وزوجته الى مكانٍ ما يلتقي فيه مع الطبيب الفض [سوجورو]. فضوله في معرفة خلفية وماضي هذا الطبيب هو المدخل الى (more…)

الغابة النرويجية!

20/04/2011

هاروكي موراكامي + سعيد الغانمي !

 

الأدب اليابانيّ، بابٌ جديدٌ كلياً على مكتبتي.. وأظنه بابٌ قد فُتح ولن يغلق قريباً. تحت رعاية (الأب الروحيّ)، رضخت للمحاولات والاغراءات و المساومات المنعقدة حول اقتراح رواية تصلح للقراءة بشهية منفتحة.. وحصل أن بدأت بالغابة النرويجية .. ذات الـ400 صفحة لأنتهي منها في 4 أو 5 أيام تقريباً (وهذا أمرٌ جيد ولكنه جديد عليّ).!

في البدء، استوقفتني الصفحة الأولى (المفترض أنها اهداء الكاتب او شيء من هذا القبيل).. كُتب عليها بكلّ اختصارٍ.. بكلّ خيالات مُحتجَزة:-

من أجل الكثير من الإحتفالات“.!

قد يميل البعض إلى محاولة النقد واللجوء الى التنقيب عن السلبيات لمجرد انهم لم يتعلموا الا التركيز على الجزء الفارغ (more…)

كولاج !

21/12/2010

رغم انها تصنف من الروايات صغيرة الحجم نوعا ما-١٢٧ صفحة- الا انها كانت اكبر معضلات هذا العام من رصيد الكتب المقروءة على رفوف مكتبتي المتواضعة !

حكايا ومغامرات لصبيّة (رسامة) هيَ -ربما- استثنائية، حاولت أن تبلغ الحدّ المُرضي من التطرف في الأشياء .. في اللغة وفي انتقاء الردود والأسئلة المباغتة.. علاقتها مع الأشخاص الطارئين..  حتى في ما تحاولُ اكتشافهُ في المُدن التي ترحل لها..!

وبالنسبة لعمق الإستمتاع في الرواية؛ لم استطع ان اقرأها دفعة واحدة دون ان اتوقف واعيد القراءة من جديد ومحاولة خلق علاقة بين ما قرأت سابقا وما قرأته للتوّ !. واجهت مشكلة أكبر في (more…)

محمد شكري ../!

21/09/2010



صباح الخير أيها الليليّون،

صباح الخير أيها النهاريّون،

صباح الخير يا طنجة المنغرسة في زمنٍ زئبقيّ.

بدايةٌ لا تشي إطلاقاً بأي نوعٍ من المحتوى الذي تحتويه هذه السيرة الذاتيّة ../!

كنتُ في أحدِ ردهاتِ المخزنِ الخارجيّ لمكتبةِ مدبولي – مصر حينَ كنتُ أنصَحُ بِ رواية عبده خال الأخيرة لأحدِ المهتمّين هناك، جاء كبيرهُم وهوَ يبتسمُ لي بِ ألفةٍ قديمة وهو يلقي التحايا وبعض المشاعر النبيلة على ذمةِ مامرّ من تاريخي السنويّ معهم!. كل ما أذكرُ بِ أنّهُ لم يكفّ عن تشكيك نزاهة لجنة البوكر عندما كان نصيبها لِ الكاتب/عبده خال في ترمي بِ شرر..؛ يزعمُ صديقي العجوز أنها لا تستحقّ كل هذا الضجيج وأن هناكَ رواياتٌ جائت بِ شكلِ هذا الشرر اختصرت منهُ أو اسهبت.. و (بووم) !، أعطاني كتاابٌ ضئيل الحجمِ امام الشرر المذكور اعلاه وقال من تحتِ نظّارته:- هذهِ أعنفُ من رواية خال، جاءت قبلها.. ومازالت تعيش معها و.. لن تموت!، يقصدُ بهذه الموشّحة [الخبز الحافيمحمد شكري] !.

اخذت [الخبز] منهُ بلا ملامح.. وقلبي في حالة “رجفان بطينيّ“.. فَ احساس أن اقرأ ترمي بِ شرر مرة أخرى على شكل مكثف بهذا الحجم الصغير يجعلني أشعر بحالة لا استقرار في احشائي، أخذاً بِ الاعتبار أنني لم انتهي منها بعد لأنها تحتاج أن تنتصف بها / تأخذ قسط من الاستجمام وتعود لها من جديد.. لا يهم.

يهمنا:- الخبز الحافي.. ومحمد شكري .. واخيه الأصغر/المقتول في بدايات هذه السيرة على يدِ والده بتحريضٍ من الجوع والفاقة أو من الغضبِ الذي كانَ يتطاول على الآلهة أحياناً.. لِ يستغفره في لحظات الصّحو ..!. صَفحاتٌ أخرى تتوالى حولَ هذا “المسخُ الأب” حسب تصوير شكري، حولَ غضبهِ من ابنهِ دائماً ، ولحظاتُ الركل والصراخ واللعن ( ولكم ان تستبدلوا لعن بكلماتٍ أخرى تتوازى وحجمُ هذه السيرة) – و طريقة التفاهم المتّبعةِ مع زوجته المُنكَسرة،  والحالُ الرّثّ الذي يعيشون فيه/عليه، ونوباتُ البصقِ واشياءٌ أخرى لا تخطرُ لكم على بال.. لِ تجيء فجأة اوراقٌ / لحظاتٌ “خاصّة جداً” بين الأبوين ومحمد يستمعُ لِ حمّى الأبوين.. وأنا أقفُ بينَ البينِ فاغرةٌ حياتي ذهولاً لأن المعادلة او المتراجحة تقول وتتسائل: كيفَ لهُ أن يبصَق ويشتم ويركل ويلكم امرأته، أعني كيف لهما بعد أن يتشاجران.. يلتحمان!.

لم أكن لأتخيّل بِ أنّ هناكَ من يعيشُ بِ هذا القَدر المتراكمِ  من التواضعِ والبؤسِ والمرض والجوع والفقر والإجرام والفنتازيا الجسدية والعربدة والدنَس والنتانة و.. هل أكمل؟!. بعضُ المشاهد التي وردت في السيرة الذاتية كانت بالنسبةِ لي (unReal) تماماً، ولستُ هنا أشكّك ب مصداقية الوارد فيها.. معاذَ الله !، ولكن كل ما أقولهُ بِ أنّ هناكَ نوعٌ من التراجيديا الفاقعة أو شيءٌ من قابيل وهابيل مع استبدال بعضِ الرّتبِ العائلية كما ذكرتُ لكم بدايةً؛ عندما قامَ /شكري/ والد محمد بِ قتلِ أخوهُ الصّغير (لوى عُنقه!).

جاءت سلافة / خليلةُ قابيل.. لِ تصيّرها الأحداثُ خليلةٌ لِ محمدٍ بِ طريقةٍ ما.. لا اخفيكم أنني لوهلةٍ ظننتُ  بِ أن الأحداث سَ تبدأ في الهدوء والألفاظ سَ تخلعُ عنها رداء الأرصفةِ والشوارعِ لِ تكونَ ناعمةٌ أكثر أو على الأقل مُرتبة ومُهندمة.. ولكن هيهات يا تفائلي : ) .. لازالَ الحديثُ يدورُ حولَ شعاراتُ الكلمات المتدنّية (رغم أنّي أحبّ لغويات شكري جداً.. ولكن استثني منها الكلمات الواردة في هذا الكتاب قطعاً! ).

قد أقولُ لِ اختي (أصغر مني) لو أرادت ان تستعير الكتاب من مكتبتي:- أوراقُ طفل تعلّم السرقة على ذمةِ إجاصةٍ في بستانٍ لِ شدّة الجوع، و تعلّم في ذات الوقت أول تضاريسٍ لِ جسد المرأة من خلال نتوءات ابنة صاحب البستان – أمٌ تضعُ طفلتها-أرحيمو- توّاً.. وتمضي لِ العملِ كي تُرضعُ تلكَ الطفلة ذات اللحمُ النيّ قبل أن يُصيبها ما أصابَ الطفلُ القتيل – بعضُ الشفراتِ التي خدشت وجرّحت وجوهُ المارّين مرور الـ(لا كرام) من المراهقِ الحانقِ على كل شيء يمرق بِ جانبه – مشاهدٌ لِ الشّابِ العربيد حينَ يوغلُ في الحاناتِ وأجسادُ نساء الليل.. وأخيراً.. قد أقولُ لها (ما بـ نصحكِ فيها منوب) خوفاً عليها من كل الكلام الخادشِ فيها والصاعق ايضاً !.

أخيراً.. كل ما اتمناه لكم، قراءه ماتعة وشيّقة لمن أراد خوض تجربة الخبز الحافي (ولو أن هناك شكّ D: ).

عيون الثعالب ../!

07/06/2010

“عيون الثعالب” – ليلى الأحيدب / رواية

و .. تُقرر تلكَ الكاتبةُ الـ لا محدودة ان تمارس الطيش الفخم على ورقٍ لا يميّزهُ شيء إلا أن اللغة التي يحتضنُ ليسَت بأي لسان !، رواية لازلت مغموسةٌ في ذهولها رغم انني انتهيت منها مُنذُ الـ 2 / حزيران .. بدأتها في مقهى هادئ حتى انتصفت بها في حجرتي، إلى أن انتهيتُها وأنا في السيّارة تحت أضواءِ السقف الشحيحة في قرابةِ الـ 9 من مساء يوم الأربعاء !

ربما كانت مشاهدٌ مكرورة لفتاة يشدّها ضوء الكُتّاب والشّعار، تشتعل محبرتها حين تكون في حالة حب مع / عليّ والذي بدورهِ قد تجسّد عرّابها في القلم رغماً عنه، فتاة عشرينية تمارس الخيانة علناً و اختبائاً، .. مريم، تحكي إنغماسها في عالمٍ مزدوجِ العاطفة / على طريقتها !، الأنموذجُ خاصّتها .. علي/ والتعدّدية التي يمارسها بشكلٍ علني على مريم وقريناتها .. الحبيبُ الذي يشتهيها في الظل .. يوسف / المتأرجح .. في حياة مريم الضوء، وحالةُ التوتّر التي يعيشها وهو يريدُ منها تنازلاتُ الظّل !، ومن جديد .. مريم / وحبها لِ كلا الاثنين على طريقتها .. واستناداً على لحظة تواجدها في ساعةِ حائطيّة على جدار الآخر !

ليلى الأحيدب، لم تخترع شيئاً بغيضا، ولكنها جعلتني ابغضُ الواقع الذي يجتاحُ العقْل أحياناً لِ يثير “تورنيدو” من العيارِ الثقيل، أجل .. قد نشعر بالحب ونكدس المشاعرَ الملتهبةِ لاحدهم، ولكن.. هناك ايضاً من يأتي بِ طريقة مختلفة عن الذي في حوزتنا، لِ يترُكَ القلبُ في حالةِ إفرازٍ خصبة لِ حبٍ بِ نكهةٍ مغايرة .. بالطريقة الاخرى!، والتي قد نبررها في حالةِ انكشافٍ سريع.. انها “ليست كما تظنون” .. رغمَ انها كما يظنّونَ .. وأسوأ لو تعرّينا من فلسفةِ الأمور ../!

أحببت اللغة / اللعبة التي دارت في أحاديث الهاتف الأرضي، كذلك المغامرات التي اقترفتها مريم وصديقاتها في سبيلِ المتعة – قتل الوقت المتكاثر – تطبيبُ جرح – وابهار الرجل الاربعيني / علي.. الذي تحبه مريم – على طريقتها –  .

فقأت عين الفجيعة في الثلث أو الربع الأخير من الكتاب، حينَ جسّدت لنا حقيقةُ الأنثى، وإلى أينَ قد تذهبُ بها تصرّفاتها وهيَ في حالةِ حبٍ متضخّم في صدرها، كيفَ لها أن ترتكبُ حماقاتٌ قد تؤدي إلى منحدراتٍ لزجة لأجل ابهار ذاك الرجل الذي لم ينتبه لها او لم ينصت لفحيح حاجتها، مريم افتعلت الكثير من الجنون ، تظن ان علي سيستجيب .. وحينَ لم يستجب لِ الجنون، قادتهُ بِ الدّهاءِ المُرّ ../!

النهاية ليست كما كنتُ اظنّ اطلاقاً .. ربّما كنتُ أنتظرُ نهايةٌ اكثرُ حدة .. أو أشدُّ إيلاماً، لستُ ادري .. ولكنها لم تشفي احتراقاتي – هكذا اظن -، قراءة ممتعة لمن لم يقرأها و .. نصيحة:-

* يجبُ أن تُقرأ بِ معيّةِ كوبٍٍ من القهوة السوداء ؛
وربما الكثيرُ من أقلامِ الرصاص ../!


قُصاصاتٌ من الرواية:-

– هذا الـ علي ،، كلّما جمعتهُ في داخلي .. شتتني !!

– هو لا يعرف أنني أجمعهُ كَ نملةٍ دؤوبة و أدّخرهُ للبياتِ المُقبل، هذه الأوراق هي وصفتي للصمودِ في غيابه، حينَ تكون جميع فصوله معي ( خريفُ ينكس أوراقهُ ذهباً )!.

علي مختلف، ويستحقّ أن أرتعش في الظّل من أجله، أنا أحبهُ بأكثر من قلبي !.

– لكي تكسب أي قضية في هذا البلد، اجعل الدين طرفاً فيها.

– هو يسحبني للبعد العادي وأنا احاول أن أريه جزءاً من فلسفتي في رؤيتي له، لا أحد يفهم نوع علاقتي به.. لا أحد يصدقها، حتى انا بتّ أشعر أنني أجدف في الرمل!.

– “ندى” / لديها قلبق أخضر يبتسمُ رغم الألم، وأعرف ان في داخلها طفلة مُضَيّعَة مثلي، منزوية في ركن معتم وبارد وكئيب، كنت اتعاطف مع هذه الطفلة التي تشبهني، ربما اضاعت مفتاح جسدها او انتزع منها؟ لست أدري.. لكنهم زرعوا في وجداننا أنالشرف مكان ضيق جداً لا يُفتحُ مرتين، وندلا – حسب رواية علي – أضاعتهُ قبل سعيد !!

– جدتي تقول ان البنت خامة بيضاء، لمسُها فقط يجعلكها ويدنسها!، لكن علي حينما لمس خامتي غيّرها، بدلها وجعلها تصبو للممرات المُضاءة!، والأقبية المعتمة، خامتي الآن تريد أن تكون لهُ تريد ان تكون معه، علي ادخلني للسماوات السبع ويريردني أن اهوى فجأة للأرض!.

– سيظل علي لي وحدي، أنا الجارية و المحظية والصديقة واللاشيء.