كمْ هوَ مَقيت‘ حدّ الهِجرة ../!
من أبشعِ القضايا التي تمارسُ علينا تسلطاً نازيّاً في عصرِ الـ(سوبر) ديموقراطيّة، وانخفاضاً حاداً في مستوى النشاط في زمنٍ ارتفعَ بهِ مُعدّلُ الحَرَكة، قضيّة الكذبة الأكبر على مرّ العصور – الوطن../!
تلك الكذبة الأزلية والتاريخية، الكِذبةُ التي خُلِقتْ لِ رفع شعارات الرؤساء تبعاً لِ أرصدتهم و أولويّاتهم، أعلامُ الشهداء رضوخاً تحت قناعاتهم و عقائدهم، وتباعاً وُجِدتْ لأجلِ المواطنين (إخفاضا / قمعاً / إحباطاً / سَحقَاً ) – لأن تلك الكذبة الأكبر تحتاجُ لِ أن تحتطبَ الدَّسمَ كي لا تخبو قضيّتها !،
مِسخٌ وجِدَ لِ دعكِ أنف الطواحينِ في حذاء الّرمال، وجِدَ لِ وأدِ الأيّامِ ودهسِ الطموح والأحلام وتنكيس رؤوس الهِممْ ، وأفضلُ جزءٍ من مهامّها المنوطةِ بها، شطبُ الأمنياتِ الصغيرة ( حيثُ أننا لا نجروء على الكبائر )../!
يا الله،
صحيحٌ جداً أنني ألهو بِ الشخوصِ كثيراً دونما رادعٌ او تردُّد، وصحيحٌ أيضاً أنني أحياناً أتصيّرُ بِ (لا) قلبْ، بِ (لا) ضَميرْ؛ لستُ أنكرُ أيٌّ مما مضى، بل ربما أنا أكثر وضاعة وأحاولُ طمرَ النتنِ المُدثّر بي .. وأكثر../!
ولكن الحقيقة العُظمى التي تسكنني مُنذُ أن كنتُ [شيء ليسَ جديراً بِ الذكر] في (قرارٍ مَكينْ)، أنَني بِ خلايا نَشِطَة عندما تتأتّى في الجوارِ حكايا عن الوطن، او تُعجَنُ الثرثراتٌ الرخوة عن المنفى. ترتجفُ الدّماءُ في مجراها، وتُصابُ رئتي بحالةٍ من التشنُّجٍ المفجع، هكذا العوارضُ تأتي من تلقائها بِ دفعاتٍ متناوبة، رغمَ أني أؤمنُ بأنَ والدي رجلٌ طيّبٌ جداً، أزعمُ بأنه يحبني كثيراًً، فَ لم يزرع في أذنِي صلاةً غير الآذان وتعويذاتٌ منَ السماء ../!
ماما تكرهُ السِّياسة، وبابا من جمهورِ التعقيداتِ الرقميّة، ومن أينَ أصِبتُ بِ هذا الهاجسِ الموبوء لا أدري ../!
فَ بِالأمسِ القريب، تساقطَ الزمنُ من حولي خريفاً طعمهُ ليسَ محدداً، و قد بدأتُ أشعرُ بِ خمولٍ بطيء يسري في تلك الدماءُ وذاتُ الرئةِ، شيءٌ يشبهُ الخِدَر المحقون في الوريد، وأظنّ أنني كنتُ على وشكِ أن أقعَ في مأزقِ قضيّتي الأثيرة، حينَ تركتُها تتغلغلُ في عروقي لجزءٍ ضئيلْ من ثانيةٍ متأخرة، كدتُ أفقدُ يدي حينَ تبلّدت بعض الشيء والحكايا تُسردُ بِ الجوار، والثرثراتُ تُعجنُ في أذني وفوقَ رأسي، وأنا لستُ أشبهني، تصيّرتُ طفلة والدي الذي رتّل العقيدةُ في روحها صغيرة، وأوشكتُ أن انتهي من جسدي الذي كَبُرَ دون أن يفقهون، والوطَنُ قضيّةٌ باتت لا تعنيني، لجزءٍ متأخّرٍ جداً.. من ثانيةٍ مترهّلة، في ساعةٍ مشطوبة من تاريخي المتخبّط في وعثاءِ هِجرةٍ مؤجّلة ../!
كدتُ أن أرتخيَ في حضرتك، اوشكتُ أن أحنو عليك ../!
ولكن ..
لا ياقلب؛ إلا الوطن../!