أيامُكِ خفيفة والدّهر ثقيل يا ماري !

صباحٌ بِ لونٍ أحاديّ لا يحتمل إزدواجيّة الأيامِ التي تركض من خلالها نحوَ الـ لا مكان!، وهيَ قدّيسةُ معبدٍ بلا كاهنٍ ولا إعترافٍ ولا جريمة !

هكذا يبدأ الصّباحُ على نافِذتها، مترعٌ بِ الأسى وطاعنٌ في وحدَته!.

صَبية  ضبابيّةٌ وألوانها كالثلج.. كالقطنِ.. دمعها لا طعمَ لهُ.. قد تنازلَ عن ملوحتهِ لِ كثرةٍ ما اجترّتهُ فوقَ المثخن من مصائبها على كتفِ حكَايتها اليتيمة !، سقطت من قائمةِ المتحدثين.. وارتقت غيمَة صمتٍ مفجع.. صبية تضائلت الحياةُ في جسدها العشرينيّ، ذبلت علبةُ ألوانها مبكراً جداً .. وتفاقَمَ الزّمنُ على ملامحِ وجهها الفَزِع !، .. وكل فصول حكايتها ليست إلا :-

هيَ الطفلة .. تكبُر وأحلامها تتصاغر.. تُراهقُ معي.. و.. – انتهت ../!

بِ هذيانٍ مسبقٍ لها قد همَست الحُمّى رغماً عنها:-

– لا تُنصتي كثيراً لِ النوافذ!، فَ الأقدار لا تَطرقُ الحُجُبَ ولا الأبواب .. تجيء الأقدارُ كمّاً.. فَ هيَ وحدها من يتقنُ الحضورَ دفعة واحدة .. كلٌّ من أصلِ كلّ ../!

وترقدُ تلكَ الصّديقة بينَ اهتزازتِ الأرضِ و غضبِ السّماء.. ترقد محمومةُ الجسدِ / موجوعَة النبض تحتَ ترابٍ وأشياءٌ صغيرة تقرض من جسدها اللين.. تحيطُها عنايةُ الرّب إلى ان يشاءَ منها القَدَر.. وكلّ شهقةٍ يستلّها الألمُ من رئتي .. أُلحِقها بِ صلاةٍ ملتهبة، ألهجُ بها من أجلكِ يا صديقة قلبي .. أصلّي من اجلكِ يا حبيبةُ نبضي .. من اجلكِ يا رفيقةُ الدّربِ منذُ بدءِ الوجود .. حتى التوّ .. إلى يومِ الخَلاص / ها أنا أكتبُ لكِ في ذكراكِ الـ لا أذكر رقمها..!، أشتاقكِ كثيراً.. وفي داخلي أعلمُ بأنكِ الآن في راحة أكثر من ذي قبل.. وهذا ما يُخرسُ الكثير من أوجاعي حينَ أمدّ يدي ولا أجدكِ بِ القرب ../!

نامي قريرة العين.. مطمئنة الفؤاد.. ضاحكة المبسمِ.. سَ يجيء اليوم الذي ألتحقُ بكِ فيه.. سَ نكثر من الضحك والعراك حول من يحكي ومن يسمع أولاً.. سَ نقرعُ نخبَ صداقةٍ عادت من جديد فوقَ السماء، فوقَ الغيم، تحتَ ذمّة الأبديّة!.. سَ نسرفُ في الحديث عن الذي فاتَ غيابك وما فاتكِ إلا القليل .. سَ نضحكُ على من هم بالأسفلِ وهم ينسونَ وجودنا معهم.. سأحكي لكِ عن وحدتي في حجرتي دونك.. عنِ نصيبي من صداقاتٍ لا تشبهكِ.. وعن الأفلام التي لم نتشاجر حول أبطالها.. عن الشتاء الذي أشبعني احتقاناتٌ وسعال دونَ كأسكِ العشبيّ.. عن فارس الأحلام الذي جاء كالكابوس.. عن نميمة الشاي وثرثرة الشمس.. عن تلويحة السنين الخمس على أصابع العمر الحميم.. وعن حنيني لكِ.. عن الحنين يا صديقة.. عن الحنين ../!

.

.


5 تعليقات to “أيامُكِ خفيفة والدّهر ثقيل يا ماري !”

  1. حمد Says:

    مضت في سبيل الغيم راشحةً بما خلفته من شفيف الوجد مبتهجاً .. سنوات الطفلة التي

    لثغتْ بأمشاج حروف تطارد النوارس أينما رحلت ..!

    بين طفلة الأمس وحبرها الذي ندلق دماً بنبض العروق التي انشطرت لينضج حرف طفلة

    الأمس التي ظلت في عيني كما ضحكت ذات مساء

    لغيمة أفلت …

  2. ejasser Says:

    خيال جميل وخصب ينم عن كاتبه تتمتع بمفردات واداوت تحسن توظيفها بالشكل المطلوب الذي من شأنه أن يؤثر في كل من يطلع عليها.

    فهي ترسق النظر كاللوحة الجميلة وكالزهرة وسط البستان …

    أتمنى أن اقرأ المزيد من الإبداع الانثوي

  3. Black‘Coffe Says:

    أستاذي/ حمد
    أظنّ سعادتي بكَ لن يسعها ضيق هذا الصندوق
    شكراً لك سيّدي
    (f)

  4. Black‘Coffe Says:

    الزميل/ايهاب الجاسر
    شرفٌ كبير .. وشهادة أعتز بها بشكل أكبر
    شكراً لك على كل ما أخجلتني به (f)

  5. شهد Says:

    تأسرني مفرداتك..

    واسلوبك!

    عضيم

    حقا عضيم

    قرأت واعدت قراءته مرات عدة..

    لك ودي عزيزتي..()

أضف تعليق