كائن لا تحتمل خفته

يبدأ الروائي التشيكي “ميلان كونديرا” روايته الفلسفية أو العاطفية أو الفيزيائية وأخيراً الغير محدّدة الهوية بالنسبة لي (حتى بعد قراءتها) بطرح الأسئلة حول مفهوم الخفة والثقل، كما ويشير الى الاختلاف بين هذه المفاهيم من حيث سلبيتها و ايجابيتها لدى عدد من الشخوص العالمية كموزارت وغيره. يعرض لنا كونديرا الخفة الغير محتملة للإنسان حين يتجرد من المسؤوليات، حين يتخفّف من معاطفِ الإرتباطات الانسانية والعملية والإجتماعيّة ويرتفعُ بخفّته عن مركز الجذب، كما وفي اليد الاخرى يعرض لنا الثقل والوزن الذي يثبت الانسان في الأرض ويغرسه.. إن كانت مسؤولية اتجاه شخص او وطن او حتى عمل.

ستجدون هناك طبيباً يصطدم بكرامته ومبدئه مع غثاء السياسة الذي يطارده، رسامة خفيفة بشكل لا يحتمل تواجه ثقلاً ليست مستعدة لحمله والجيّد في موضوعها انها تعي ذلك جيدا، هناك أحلام ومنامات تتواتر على (تيريزا) .. تحمل رمزياتٌ فاقعة وتفسيرها يتربع بين يدها.. حتى ليظنّ القارئ (كما في حالتي) أن جزء من حبكة الرواية أن تكون تلك الأحلام من صنع خيالها (تيريزا) أو محاولة منها لاستمالة (توماس) او شحذِ عاطفته في النهاية.!

ستجدون  مثقفون..  صحفيون..  سياسيون..  من يحب..  من يتزوج..  من يموت..  من يعود لوطنه كلما تركه، هناك من يبحث عن الإله ولا يثق بوجوده وهناك من يفلسف هذه الامور (الصحفي العجوز) بشكل انيق ومحترم نوعا ما، وأظن من الجدير ذكره هنا أنني قد لمست في كونديرا أنه يأخذ في اعتباره حين يكتب مشاعر كل الاديان والمعتقدات التي قد تقرأ له.. لذلك لم أجده يبالغ او يسرف في العمق الديني واللاديني كما يفعل بعض الكتّاب الاخرين.

واجهتني بعض الاشياء التي استغربتها وقطعت عليّ عمق المتعة والعيش في الاحداث، منها مثلا  ان كونديرا كان  يقطع سرد الرواية ليتحدث ويعلّق بشخصية المؤلف عن أحد شخصياته التي ابتكرها في الرواية!! أعني في منتصف الحدث الجاري وفي جوف الحكاية، فجأة كأنه صوت معلّق بعيد.. لا أدري ولكنها كانت مربكة بالنسبة لي (وماهضمتها منوب) :/

قراءة لذيذة أتمناها لكم (F)

 

 

.

رد واحد to “كائن لا تحتمل خفته”

  1. Osama Says:

    من اكثر الروايات التي احبها ، وربما اكثرها

    بالرغم من ذلك عندما شاهدت الفيلم المقتبس عنها اصبت بالغثيان

أضف تعليق